هل يجب تقليد أعلم المفتين؟
قال ابن تيمية -رحمه الله- كما في مختصر الفتاوى المصرية (ص: 555):
«هل يجب عَلَيْهِ فِي أَعْيَان الْمُفْتِينَ فيقلد أعلمهم وأدينهم، أم يُقَلّد من شَاءَ؟
على قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَب أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا.
وَالِاجْتِهَاد يقبل التجزئة والانقسام،
بل قد يكون الرجل مُجْتَهدًا فِي مَسْأَلَة، أَو صنف من الْعلم، وَيكون غير مُجْتَهد فِي مَسْأَلَة، أَو صنف آخر.
بل أَكثر من عِنْده تَمْيِيز من المتوسطين إِذا نظر فِي مسَائِل النزاع، وَتَأمل مَا اسْتدلَّ بِهِ الْفَرِيقَانِ بتأمل حسن، وَنظر تَامّ؛ ترجح عِنْده أحد الْقَوْلَيْنِ، وَلَكِن قد يشق عَلَيْهِ الِاكْتِفَاء بنظره؛ فَالْوَاجِب على مثل هَذَا أَن يتبع قولاً تَرَجّح عِنْده من غير دَعْوَى مِنْهُ للِاجْتِهَاد، بل هُوَ بِمَنْزِلَة الْمُجْتَهد فِي أَعْيَان المفتيين وَالْأَئِمَّة، وَإِذا ترجح عِنْده أَن أحدهم أعلم قَلّدهُ.
وَلَا شكّ أَن معرفَة الحكم بدليله أيسر وَأسلم من الْجَهْل والتقلد وَاتِّبَاع الْهوى.
فَإِذا جَوَّزنَا للرجل أَن يُقَلّد الشَّخْص فِيمَا يَقُوله لِاعْتِقَاد أَنه أعلم؛ فَلِأَن يجوز لَهُ أَن يُقَلّد صَاحب القَوْل الَّذِي تبين لَهُ رُجْحَان قَوْله بالأدلة الشَّرْعِيَّة أولى وَأَحْرَى»اهـ.