السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 15 نوفمبر 2014

قال وقلت ٣٧: نقد مسلم في مقدمته موجه إلى بعض أهل البدع في عصره


قال: «رأي الإمام مسلم -رحمه الله- أن شروط الصحة في البخاري ضيقت باب الصحيح؛ لأنه شرط اللقي والمعاصرة معًا حتى عند غير المدلس؛ لهذا اعترض عليه مسلم في مقدمته على قول، وقال بعضهم المعترض عليه هو المديني، وقد انفرد مسلم أيضًا بأحاديث ورجال، وأخير طلبه للأجر، وأن يكون ممن تشرف بنقل السنة وكتابتها».

قلت: غير ظاهر عندي أن الإمام مسلم يقصد بكلامه هذا ماذكرت؛ 

لأن مسلم بقي على علاقة حسنه بشيخه البخاري إلى موت البخاري، فقد خرج من مجلس محمد بن يح الذهلي حمية للبخاري، فلو كان البخاري عنده في محل النقص الذي ذكره لما خرج من المجلس تبعاً للبخاري -رحم الله الجميع-.

ولأن الإمام مسلم يجل البخاري -رحمه الله- إجلالاً كبيراً، فكيف يتكلم عنه بذاك الكلام في مقدمته؟!

ولأن الإمام مسلم حكى الإجماع على قوله، فكيف يصح أن يحكي الإجماع على قول والمخالف فيه البخاري وابن المديني.

ولأن البخاري لا يشترط ذلك في أصل الصحة، فقد صحيح أحاديث بين رواة ثقات ثبت تعاصرهما، ولم يثبت لقاء أحدهما للآخر مع عدم التهمة بالتدليس. وذلك في جملة من الأحاديث نقل كلامه عليها الترمذي في العلل الصغير.

وكذا علي بن المديني، وأحمد بن حنبل -رحمهم الله-.

فإن قلت: «إذا كان الحال ما ذكرت، فمن بقصد الإمام مسلم بالنقد؟».

قلت: الذي يظهر أن نقد مسلم موجه إلى بعض أهل البدع في عصره، ذهب إلى عدم قبول الخبر إذا كان معنعناً بين ثقتين إلا بثبوت اللقاء وعدم الاكتفاء بالمعاصرة، حتى وإن كانا غير مدلسين.

وهذا مذهب بعض أهل البدع المعاصرين اليوم، وهذا القول خلاف الإجماع على صحة حديث المتعاصرين غير المدلسين وإن لم يثبت اللقاء، اكتفاء بإمكانية اللقاء (المعاصرة).


والله أعلم.