السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 15 نوفمبر 2014

كشكول ١٩٢: لنجابة الابناء



لنجابة الأبناء:

يطلب النكاح لتحصيل ثلاثة أمور: 

الأول: كثرة الولد، ولذلك جاء في نكاح الأبكار: «أَنْتَقُ أَرْحَامًا». أَيْ أَكْثَرُ أَوْلَادًا». 

الثاني: حصول المحبة والود منها، ولذلك جاء في الحديث عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: «إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟». قَالَ: «لَا». ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ». (أخرجه أبوداود والنسائي وصححه ابن حبان). 

الثالث: بعدهن عن الخنا. يروى عن مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ؛ فَإِنَّهُنَّ أَكْثَرُ حُبًّا، وَأَقَلُّ خَنًا»، ولعل هذا من معاني رضاهن بالقليل كما جاء في وصف الأبكار: «عليكم بالأبكار، فإنهن أعذب أفواهًا، وأنتق أرحامًا، وأرضى باليسير». (انظر (سلسلة الأحاديث الصحيحة) حديث رقم: (623).).

وَقَدْ كَانُوا يَخْتَارُونَ لِمِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ إنْكَاحَ الْبُعَدَاءِ الْأَجَانِبِ، وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ أَنْجَبُ لِلْوَلَدِ وَأَبْهَى لِلْخِلْقَةِ، وَيَجْتَنِبُونَ إنْكَاحَ الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ، وَيَرَوْنَهُ مُضِرًّا بِخَلْقِ الْوَلَدِ بَعِيدًا مِنْ نَجَابَتِهِ. 

وقد َرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: «يَا بَنِي السَّائِبِ قَدْ ضُوِيتُمْ فَانْكِحُوا فِي الْغَرَائِبِ». يريد أن كثرة نكاحهم من الأقارب ظهر في أولادهم، فقد هزلوا وضعفوا وتقاصرت خلقتهم. 

وَقَالَ الشَّاعِرُ: 

تَجَاوَزْتُ بِنْتَ الْعَمِّ وَهِيَ حَبِيبَةٌ * مَخَافَةَ أَنْ يُضْوَى عَلَيَّ سَلِيلِي 

وَكَانَتْ حُكَمَاءُ الْمُتَقَدِّمِينَ يَرَوْنَ أَنَّ أَنْجَبَ الْأَوْلَادِ خَلْقًا وَخُلُقًا مَنْ كَانَتْ سِنُّ أُمِّهِ بَيْنَ الْعِشْرِينَ وَالثَّلَاثِينَ، وَسِنُّ أَبِيهِ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ وَالْخَمْسِينَ.

وَالْعَرَبُ تَقُولُ: «إنَّ وَلَدَ الْغَيْرَى لَا يُنْجِبُ».

وَإِنَّ أَنْجَبَ النِّسَاءِ الْفَرُوكُ؛ 

لِأَنَّ الرَّجُلَ يَغْلِبُهَا عَلَى الشَّبَقِ لِزُهْدِهَا فِي الرِّجَالِ.

وَقَالُوا: «إنَّ الرَّجُلَ إذَا أَكْرَهَ الْمَرْأَةَ وَهِيَ مَذْعُورَةٌ ثُمَّ أَذُكِرَتْ (يعني: ولدت ذكراً) أَنْجَبَتْ». وانظر أدب الدنيا والدين (ص: 198).

ومن شعر أبي كبير الهذلي: 

ممن حملن به وهن عواقدٌ ... حبك النطاق فشب غير مهبل 

يريد أن أمه حملت به وهي كارهة؛ 

وكانت العرب تفعل ذلك: 

يغضب الرجل منهم امرأته ويعجلها حل نطاقها ويقع عليها، فيغلب ماؤه على مائها؛ فينزع الوليد إليه في الشبه. 

وكانت العرب تستحب أن تطأ النساء وهن متعبات أو فزعات؛ ليغلب ماء الرجل فيخرج الولد مذكراً. 

فوصف أنها حبلت به، وهي عاقدةٌ حبك النطاق. 

والحبك: الطرائق، 

وقيل: الحبك: الإزار الذي تأتزر به المرأة، 

وقيل الحبكة: حجزة الإزار. والنطاق: المنطقة. انظر خزانة الأدب (3/168 – 175) .

وفي الكامل للمبرد (1/35): ويقال: أنجب الأولاد ولد الفارك. 

وذلك؛ لأنها تبغض زوجها. فيسبقها بمائه. 

فيخرج الشبه إليه. فيخرج الولد مذكراً. 

وكان بعض الحكماء يقول: إذا أردت أن تطلب ولد المرأة فأغضبها، ثم قع عليها. فإنك تسبقها بالماء، وكذلك ولد الفزعة، كما قال، 

كما قال أبو كبير الهذلي: 

من حملن به وهن عواقدٌ ... حبك النطاق فشب غير مهبل 

حملت به في ليلة مزؤودةٍ ... كرهاً، وعقد نطاقها لم يحلل 

(ليلة مزؤودة): ذات زؤدٍ، وهو الفزع» اهـ. 

وكانوا يكرهون جماع المرأة قريباً من حيضها آخر طهرها، ويسمونه التضع. 

قال في تهذيب اللغة (1/331): «وقال أبو عمرو: «وضعت المرأة فهي تضع وضُعاً وتُضْعاً فهي واضع». 

وقال ابن السكيت: «وضع البعير في سيره يضع وضعاً إذا أسرع». 

والوُضع: أن تحمل المرأة في آخر طهرها في مُقبَل الحيض. وهو التُّضْع أيضاً. 

وانشد: 

تقول واُلْجرْدان فيها مكتنع ... أما تخاف حَبَلا على تُضُع» اهـ. 


جامعها في مقبل الحيضة فخوفته أن تحبل، والحبل على التضع مكروه عندهم؛ لأن ولد ذلك الحمل لا ينجب. انظر هامش الصحاح (4/435).