السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 15 نوفمبر 2014

كشكول ١٩٣: حكم طلب الدواء



حكم طلب الدواء.

قال ابن تيمية -رحمه الله- [مجموع الفتاوى (21/563-564)]: 

«وَالتَّدَاوِي غَيْرُ وَاجِبٍ؛ وَمَنْ نَازَعَ فِيهِ: خَصَمَتْهُ السُّنَّةُ فِي الْمَرْأَةِ السَّوْدَاءِ الَّتِي خَيَّرَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ وَدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَبَيْنَ الدُّعَاءِ بِالْعَافِيَةِ. فَاخْتَارَتْ الْبَلَاءَ وَالْجَنَّةَ. 

وَلَوْ كَانَ رَفْعُ الْمَرَضِ وَاجِبًا لَمْ يَكُنْ لِلتَّخْيِيرِ مَوْضِعٌ كَدَفْعِ الْجُوعِ.

وَفِي دُعَائِهِ لِأَبِي بِالْحِمَى. 

وَفِي اخْتِيَارِهِ الْحِمَى لِأَهْلِ قباء. 

وَفِي دُعَائِهِ بِفَنَاءِ أُمَّتِهِ بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ. 

وَفِي نَهْيِهِ عَنْ الْفِرَارِ مِنْ الطَّاعُونِ.

وَخَصَمَهُ حَالُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ الْمُبْتَلِينَ الصَّابِرِينَ عَلَى الْبَلَاءِ حِينَ لَمْ يَتَعَاطَوْا الْأَسْبَابَ الدَّافِعَةَ لَهُ: مِثْلَ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَغَيْرِهِ. 

وَخَصَمَهُ حَالُ السَّلَفِ الصَّالِحِ؛ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصَّدِيقَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِينَ قَالُوا لَهُ: «أَلَا نَدْعُوَ لَك الطَّبِيبَ؟». قَال : «قَدْ رَآنِي». قَالُوا: «فَمَا قَالُ لَك؟». قَالَ: «إنِّي فَعَّالٌ لِمَا أُرِيدَ». وَمِثْلُ هَذَا وَنَحْوِهِ يُرْوَى عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ خيثم الْمُخْبِتِ الْمُنِيبِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْكُوفِيِّينَ، أَوْ كَأَفْضَلِهِمْ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ الْهَادِي الْمَهْدِيِّ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ لَا يُحْصُونَ عَدَدًا. 

وَلَسْت أَعْلَمُ سَالِفًا أَوْجَبَ التداوي، وَإِنَّمَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْمَعْرِفَةِ يُفَضِّلُ تَرْكَهُ تَفَضُّلًا وَاخْتِيَارًا؛ لِمَا اخْتَارَ اللَّهُ وَرِضًى بِهِ، وَتَسْلِيمًا لَهُ، وَهَذَا الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَد، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ يُوجِبُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَحِبُّهُ، وَيُرَجِّحُهُ. كَطَرِيقَةِ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ اسْتِمْسَاكًا لِمَا خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَسْبَابِ، وَجَعَلَهُ مِنْ سُنَّتِهِ فِي عِبَادِهِ» اهـ.


قلت: كان كلامه -رحمه الله- يشكل علي مع حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «عباد الله تداووا». ثم تبينت أن هذا الأمر من باب الإرشاد؛ لأنه لتحصيل مصلحة دنيوية. فلا يفيد الوجوب أصلاً، ولا الاستحباب التكليفي!