السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الخميس، 15 أكتوبر 2015

خبر الكتاب ٨٧


خبر الكتاب: 87.
كتاب العمر
يكون أحيانا كتاب لصاحبه هو كتاب عمره، يجمع له، ويعيد النظر فيه، فلا يخرج الكتاب إلا وقد حوى غالب ما يريد صاحبه!
ومن هذه الكتب :
= (الموطأ) للإمام مالك بن أنس الأصبحي (ت179هـ) رحمه الله، قال أَبُو خُلَيْدٍ: "أَقَمْتُ عَلَى مَالِكٍ فَقَرَأْتُ الْمُوَطَّأَ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَقَالَ مَالِكٌ: عِلْمٌ جَمَعَهُ شَيْخٌ فِي سِتِّينَ سَنَةٍ أَخَذْتُمُوهُ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لَا فَقِهْتُمْ أَبَدًا"([1]) . وقال صفوان بن عمر بن عبد الواحد : "عرضنا على مالك الموطأ في أربعين يوماً فقال كتاب ألفته في أربعين سنة أخذتموه في أربعين يوماً قل ما تتفقهون فيه"([2]) . فهذا كتاب عمره، مكث عمره ينقحه  ويراجعه وينظر فيه، قال عتيق الزبيري : "وضع مالك الموطأ على نحو من عشرة آلاف حديث فلم يزل ينظر فيه سنة ويسقط منه حتى بقي هذا ولو بقي قليلاً لأسقطه كله". يعني تحرياً. قال سليمان بن بلال : لقد وضع مالك الموطأ وفيه أربعة آلاف حديث أو قال أكثر. فمات وهي ألف حديث ونيف يلخصها عاماً عاماً بقدر ما يرى أنه أصلح للمسلمين وأمثل في الدين"اهـ([3]).
= غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام. (ت 224هـ) رحمه الله.  جمع كتابه في غريب الحديث، فصار هو: القدوة في هذا الشأن. فإنه أفنى فيه عمره. قال أبو عبيد: كنت في تصنيف هذا الكتاب - يعني غريب الحديث - أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال، فأضعها في موضعها من الكتاب، فأبيت ساهراً فرحاً مني بتلك الفائدة. وأحدكم يجيئني، فيقيم عندي أربعة أشهر، أو  خمسة أشهر، فيقول: قد أقمت الكثير([4]). فكان خلاصة عمري([5]) .
= (المُعْجَمُ الأَوسطُ) لسليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (المتوفى: 360هـ) رحمه الله،  ورتبه عَلَى أسماء مشَايِخِهِ المُكثرينَ, وَغَرَائِبُ مَا عِنْدَهُ عَنْ كُلِّ وَاحدٍ, يَكُونُ خَمْسَ مجلدَاتٍ. قال أحمد بن جعفر الفقيه: سمعت أبا عبدالله بن حمدان، وأبا الحسن المديني، وغيرهما، يقولون: سمعنا الطبراني يقول: هذا الكتاب روحي، يعني "المعجم الأوسط"([6]) .
= (تاريخ دمشق)، لأبي القاسم علي بن أبي محمد الحسن بن هبة الله أبي الحسن بن عبد الله بن الحسين المعروف بابن عساكر، الدمشقي الملقب ثقة الدين (ت571هـ) رحمه الله، قال أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي الإربلي (المتوفى: 681هـ) المعروف بـ (ابن خلكان) رحمه الله في ترجمته لابن عساكر: "صنف التاريخ الكبير لدمشق في ثمانين مجلدة، أتى فيه بالعجائب، وهو على نسق " تاريخ بغداد ". قال لي شيخنا الحافظ العلامة زكي الدين أبو محمد عبد العظيم المنذري حافظ مصر أدام الله به النفع، وقد جرى ذكر هذا التاريخ، وأخرج لي منه مجلداً وطال الحديث في أمره واستعظامه: ما أظن هذا الرجل إلا عزم على وضع هذا التاريخ من (يوم) عقل على نفسه، وشرع في الجمع من ذلك الوقت، وإلا فالعمر يقصر عن أن يجمع فيه الإنسان مثل هذا الكتاب بعد الاشتغال والتنبه. ولقد قال الحق، ومن وقف عليه عرف حقيقة هذا القول، ومتى يتسع للإنسان الوقت حتى يضع مثله وهذا الذي ظهر هو الذي اختاره، وما صح له هذا إلا بعد مسودات ما يكاد ينضبط حصرها"اهـ([7]).
وغيرها .



([1]) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (6/ 331).
([2]) ترتيب المدارك وتقريب المسالك (2/ 75).
([3]) ترتيب المدارك وتقريب المسالك (2/ 73).
([4]) مختصر تاريخ دمشق (21/ 20).
([5]) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1203).
([6]) سير أعلام النبلاء (16/ 124).
([7]) وفيات الأعيان (3/ 310).