السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 25 يوليو 2016

كشكول ١٣٧١: كيف يمدح الذين (لا يكتوون)، و(لا يسترقون)، مع ما ورد من ذكر طلب الشفاء، وأنه -صلى الله عليه وسلم- أرشد إلى طلب الرقية من العين والحسد؟


أخرج البخاري تحت رقم (6472)، ومسلم تحت رقم (220)، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». وفي رواية : «هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ».
وفي الحديث إشكال؛ كيف يمدح الذين (لا يكتوون)، و (لا يسترقون)، مع ما ورد من ذكر طلب الشفاء، وأنه صلى الله عليه وسلم أرشد إلى طلب الرقية من العين والحسد؟
ولأهل العلم في دفع هذا الإشكال طريقان:
الطريق الأول: أن المراد بذلك، من ترك طلب العلاج والدواء بالرقية والاكتواء، توكلاً على الله، فإن السلف يمتدحون ترك طلب الدواء، بالذات عند شعورهم أنه مرض الموت، أو أن المرض لا يعطلهم عن الواجبات الشـرعية. فيجمع بين الأحاديث، بأن طلب الدواء من المباحات والأمر فيها للإرشاد، وأن ترك طلبه أفضل.
الطريق الثاني: أنه ليس المراد بهذا الحديث، الترغيب عن طلب الدواء والشفاء بالرقية والاكتواء، إنما المراد من يفعل ذلك باعتقاد الجاهلية، وهذا سر تخصيصهما بالذكر، فهو يفعله معتقداً أنه يؤثر بنفسه، ولا يتوكل على الله، ولذلك ختم وصفهم بأنهم (على ربهم يتوكلون). وبهذا الفهم ليس في الحديث ما ينافي طلب الدواء بالرقية وبالكي، إلا إذا طلب ذلك باعتقاد ينافي التوكل!
ويرجح الأول أن طلب الدواء والشفاء باعتقاد أنه يؤثر بنفسه، ممنوع منه مطلقًا في كل حال، ولا يختص بطلب الدواء.
والله الموفق.