السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

شبهة والرد عليها ٢٠: توضيح قول الشيخ عبدالرحمن بن حسن بشأن اشتراط إذن الإمام في الجهاد



شبهة:
«كيف تشترطون إذن الإمام في الجهاد، وهذا الشيخ عبدالرحمن بن حسن من أئمة الدعوة يقول في (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) (٨/ ٢٠٢-٢٠٣): «ولا ريب أن فرض الجهاد باق إلى يوم القيامة، والمخاطب به المؤمنون؛ فإذا كان هناك طائفة مجتمعة لها منعة، وجب عليها أن تجاهد في سبيل الله بما تقدر عليه، لا يسقط عنها فرضه بحال، ولا عن جميع الطوائف، لما ذكرت من الآيات. وقد تقدم الحديث: «لا تزال طائفة...» الحديث؛ فليس في الكتاب والسنة ما يدل على أن الجهاد يسقط في حال دون حال، ولا يجب على أحد دون أحد، إلا ما استثنى في سورة براءة. وتأمل قوله: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ...} (سورة الحج، آية: ٤٠)، وقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} الآية (سورة المائدة، آية: ٥٦)؛ وكل يفيد العموم بلا تخصيص. فأين تذهب عقولكم عن هذا القرآن؟
وقد عرفت مما تقدم: أن خطاب الله تعالى يتعلق بكل مكلف، من الأولين والآخرين، وأن في القرآن خطاباً ببعض الشرائع، خرج مخرج الخصوص وأريد به العموم، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} الآية (سورة التوبة، آية: ٧٣)، وقد تقدم ما يشير إلى هذا بحمد الله، وذلك معلوم عند العلماء، بل عند كل من له ممارسة في العلم والأحكام، فلهذا اقتصرنا على هذا القول، وبالله التوفيق» اهـ.».

أقول:
استدل بعض الناس بكلام هذا الإمام في منع اشتراط إذن ولي الأمر؛ وهذا لا يصح وذلك لما يلي:
- الإمام عبدالرحمن بن حسن -رحمه الله- يرد في كلامه على ابن نبهان الذي يزعم أنه لا جهاد إلا مع إمام، فإذا لم يوجد إمام فلا جهاد، فيلزم على هذا أن ما يلزم بترك الجهاد من مخالفة دين الله وطاعته جائز، بجواز ترك الجهاد، فتكون الموالاة للمشركين (انظر (الدرر السنية في الأجوبة النجدية)، (١٦٧/٨)). 
- فالإمام يقرر أنه إذا لم يكن هناك إمام فالجهاد لا يسقط، وأن محل اشتراط إذن الإمام في الجهاد هو إذا وجد الإمام.
- ولذلك قال عقب الكلام السابق مباشرة في ((الدرر السنية في الأجوبة النجدية)، (٢٠٣/٨)): «ثم بعد الفراغ، أظهر الله إماماً يجاهد في سبيل الله، ويدعوهم إلى الإسلام والاجتماع عليه، فتمت النعمة علينا، وعلى أهل نواحينا، بما أعطانا من النصر، وذهاب الشرك والمشركين، والفساد والمفسدين. نسأل الله أن يوزعنا شكر ما أنعم به علينا، من نعمة الإسلام، والله ولي حميد» اهـ.
- والأصل عنده هو الجهاد من وراء إمام، وأنه لا بد من إذنه إذا وجد، فهو يقول في موضع آخر: ((الدرر السنية في الأجوبة النجدية) (٩/ ٩٥-٩٦): «ورأينا أمرًا يوجب الخلل على أهل الإسلام، ودخول التفرق في دولتهم، وهو: الاستبداد من دون إمامهم، بزعمهم أنه بنية الجهاد، ولم يعلموا أن حقيقة الجهاد ومصالحة العدو، وبذل الذمة للعامة، وإقامة الحدود، أنها مختصة بالإمام، ومتعلقة به، ولا لأحد من الرعية دخل في ذلك، إلا بولايته؛ وقد سئل -صلى الله عليه وسلم- عن الجهاد، فأخبر بشروطه بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أنفق الكريمة، وأطاع الإمام، وياسر الشريك، فهو المجاهد في سبيل الله». والذي يعقد له راية، ويمضي في أمر من دون إذن الإمام ونيابته، فلا هو من أهل الجهاد في سبيل الله» اهـ.
- وعليه فلا محل للاستدلال بكلام هذا الإمام على تقرير وجوب الجهاد بدون إمام مطلقاً، بل الأصل أن لا جهاد إلا من وراء إمام.

والله أعلم.