السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

قال وقلت ٨: معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لأقتلنهم قتل عاد»


قال لي: «ما معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لأقتلنهم قتل عاد)؟».

قلت: هذه اللفظة جاءت في حديث أخرجه البخاري تحت رقم (٣٣٤٤)، ومسلم (١٠٦٤): عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَرْبَعَةِ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الحَنْظَلِيِّ، ثُمَّ المُجَاشِعِيِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ، وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ العَامِرِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلاَبٍ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ، وَالأَنْصَارُ، قَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا، قَالَ: «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ». فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: «مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ؟ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَلاَ تَأْمَنُونِي» فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ، - أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ: فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ».

ومعنى قوله: «لأقتلنهم قتل عاد» لأقتلنهم قتلاً شديداً، أستأصلهم به، فلا يبق منهم أحداً، وذلك إشارة إلى صفة قتل عاد التي أخبرنا الله بها في سورة الحاقة قال تبارك وتعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ (٨)}. وجاء في رواية: «لأقتلنهم قتل ثمود»، وهي بنفس المعنى، والإشارة فيها إلى قوله تعالى في سورة الحاقة: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ}. (٥). 

قال القرطبي في (المفهم) لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٨٢/٩) «وفي الأخرى: (قتل ثمود)، ووجه الجمع: أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- قال كليهما، فذكر أحد الرواة أحدهما، وذكر الآخر الآخر».


ومعنى هذا: أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقتلهم قتلاً عامًا؛ بحيث لا يبقى منهم أحدًا في وقت واحد، لا يؤخر قتل بعضهم عن بعض، ولا يقيل أحدًا منهم، كما فعل الله بعاد؛ حيث أهلكهم بالريح العقيم، وبثمود حيث أهلكهم بالصيحة"اهـ والله الموفق.