السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

شبهة والرد عليها ٨: لا يشترط في الإمام الذي يبايع أن يكون إماماً عاماً لجميع المسلمين


شبهة:
«أن الجماعة المقصودة في الأحاديث هي الجماعة التي إمامها إمام لجميع المسلمين».


والرد على هذه الشبهة :
هذه الدعوى لا دليل عليها، بل قام الإجماع على خلافها!

فلا يشترط في الإمام الذي يبايع أن يكون إماماً عاماً لجميع المسلمين في جميع الدنيا، بل كل إمام استقل بولايته وجبت بيعته على المسلمين في جهته.

قال أحمد بن حنبل (ت٢٤١هـ) -رحمه الله-: «والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر، ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه، ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة، وسمي أمير المؤمنين» اهـ. (أصول السنة رواية عبدوس، ص: ٦٤) .

وقال ابن تيمية الحراني (ت٧٢٨هـ) -رحمه الله-: «والسُّنّة أن يكون للمسلمين إمام واحد، والباقون نوّابه، فإذا فرض أن الأئمة خرجت عن ذلك؛ لمعصية من بعضها، وعجز من الباقين، أو غير ذلك، فكان لها عدة أئمة، لكان يجب على كل حال إمام أن يقيم الحدود، ويستوفي الحقوق» اهـ. (مجموع الفتاوى (٣٤/ ١٧٥-١٧٦)). 

وقـال محمد بن عبد الوهاب (ت١٢٠٦هـ) -رحمه الله-: «الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا؛ لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد، ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم» اهـ. (الدرر السنية (ط /٥/١٤١٦هـ) (٩/٥)).

وقال أيضاً -رحمه الله-: «من تمام الاجتماع: السمع والطاعة لمن تأمر علينا، ولو كان عبدا حبشيا، فبين النبي هذا بيانًا شائعًا ذائعًا، بوجوه من أنواع البيان شرعًا وقدرًا، ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم، فكيف العمل به». (الدرر السنية (ط /٥/١٤١٦هـ) (٩/٥–٧)).

وقال الشوكاني (ت١٢٥٠هـ) -رحمه الله-: «لما اتسعت أقطار الإسلام، ووقع الاختلاف بين أهله، واستولى على كل قطر من الأقطار سلطان؛ اتفق أهله على أنه إذا مات بادروا بنصب من يقوم مقامه. وهذا معلوم لا يخالف فيه أحد، بل هو إجماع المسلمين أجمعين منذ قبض رسول الله إلى هذه الغاية» اهـ. (السيل الجرار (٤/٥٠٢)، وانظر (السيل الجرار) (٤/٥١٢))؛ 


فإذا تنبهت إلى هذا علمت أن الجماعة المقصودة هي كل جماعة مسلمة تأمر عليها أمير يحكم فيها بكتاب الله وسنة رسوله، فإنه يجب عليه أن يقوم بصلاة الجماعة، والحدود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصلاة العيدين، ونحو ذلك. ويجب له البيعة والسمع والطاعة في المعروف.