السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

شبهة والرد عليها ١: ما محل عبارة «جهاد الدفع لا يشترط فيه شرط من شروط جهاد الطلب؟»


شبهة:
في قولهم: «جهاد الدفع لا يشترط فيه شرط من شروط جهاد الطلب؟». 
أقول: هذه العبارة ما هو محلها؟ 

قبل أن أحرر ذلك، أبين ما هو جهاد الدفع وما هو جهاد الطلب؛ 

أمّا جهاد الدفع فمحله: إذا قصد العدو بلداً من بلدان المسلمين لقتال أهلها والاستيلاء عليها؛ فعلى أهل البلد دفعهم، فإن عجزوا وجب على الذين يلونهم قتالهم، فإن عجزوا وجب على الذين يلونهم، وهكذا حتى يعم الوجوب جميع المسلمين، أو يسقط الوجوب بسبب مانع يمنع منه كعدم القدرة. 

جهاد الطلب: أن يخرج المسلمون من بلدهم طلبًا للكفار لدعوتهم إلى الإسلام، فإن أجابوا فالحمد لله، وإن لم يجيبوا دعوهم إلى دفع الجزية، فإن أجابوا فالحمد لله، فإن لم يجيبوا قاتلناهم حتى يكون الدين كله لله. 

إذا عرف ذلك؛

فاعلم أن جهاد الطلب سنة مؤكدة، أو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، فيشترط فيه:

- أن يكون من وراء إمام، 

- وأن يكون بإعداد العدة، 

- وأن يكون الخروج بإذن الأبوين، 

- وأن يكون لإعلاء كلمة الله، 

- وأن يكون تحت راية واضحة في ذلك، 

- وأن يكون الذي يقاتل قد بلغ السن الذي يؤذن فيه للقتال، 

- وأن يكون ذكراً، فالنساء لا شأن لهن في الأصل بهذا القتال، 

- وأن لا يكون الكفار أكثر من ضعفي المسلمين. 

أمّا جهاد الدفع فقد قيل فيه العبارة السابقة: «لا يشترط في جهاد الدفع ما يشترط في جهاد الطلب!»

والسؤال: ما هو محل هذه العبارة؟ 

اعلم أن دفع الكفار عن بلد المسلمين له صورتان أضربهما للتقريب وتوضيح المعنى: 

الصورة الأولى: أن يكون الكفار قد دخلوا البلد بحيث لو ترك الاشتغال بدفعهم، لتمكنوا من الاستيلاء عليها. 

الصورة الثانية: أن يكون الكفار لم يدخلوا البلد بعد، وإنما يستعدون لذلك. 

ففي الصورة الأولى يأتي قول العبارة السابقة: «لا يشترط في جهاد الدفع ما يشترط في جهاد الطلب». 

أما في الصورة الثانية؛ فلا، بل يشترط فيه ما يشترط في جهاد الطلب. ويدل على ذلك: أن أكثر الغزوات التي شارك فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- وراعى فيها شروط القتال المذكورة هي من جهاد الدفع. 

ونبه على هذا المعنى أحمد بن حنبل -رحمه الله- فيما نقله عنه ابن قدامة في (المغني). وهذا المعنى مأخوذ من قولهم: «إن جهاد الدفع من باب دفع الصائل». 

والمقصود بالصائل: العدو الذي يصول عليك يريد قتلك. 

ولو مثلنا للصورتين السابقتين مع دفع الصائل نقول: كما لو أن رجلاً كان في وادي ومعه صاحبه، وافترقا، فكان أحدهما في بطن الوادي، والآخر على سفح الجبل، بينهما مسافة. فظهر أسد أمام الذي بطن الوادي. هذا الأسد عدو صائل على الرجل الذي في بطن الوادي عليه أن يدفعه ويقاتله بما لديه. 

أمّا الآخر فهل الأسد بالنسبة له عدو صائل الحال فيه كحال من هو في بطن الوادي؟

الجواب: لا. وكذا أقول: قد يشاهد الرجلان الأسد في الوادي من بعيد، فيستعدان له، ويتشاوران ويتعاونان على قتله. ولا يقال: عليكما مواجهته فوراً. 

وهكذا نقول في جهاد الدفع إن الحال الذي قيل فيه: «لا يشترط في جهاد الدفع ما يشترط في جهاد الطلب»، هو ذاك الحال الذي يشابه دفع الصائل فيكون إما قاتل أو مقتول، 


أمّا ما عداها فلا ليس هذا محل تلك العبارة، بل لابد من توفر شروط الجهاد المذكورة، والله أعلم.