السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

شبهة والرد عليها ١٤: لم يقل أحد من العلماء أن قتال الكفار لا يشترط له التكافؤ في العدد والعدة


قال: «جاء في الدرر السنيّة: جهاد الكفّار لا يشترط فيه تكافؤ العدد والعدّة، بل إذا قام المسلمون بما أمرهم الله به من جهاد عدوهم، بحسب استطاعتهم، فليتوكلوا على الله، ولا ينظروا إلى قوتهم وأسبابهم، ولا يركنوا إليها؛ فإن ذلك من الشرك الخفي، ومن أسباب إدالة العدو على المسلمين، ووهنهم عن لقاء العدو؛ لأن الله تبارك وتعالى أمر بفعل السبب، وأن لا يتوكل إلا على الله وحده.
وأيضا: لا تغترّوا بأهل الكفر وما أعطوه من القوّة والعدّة، فإنكم لا تقاتلون إلاّ بأعمالكم، فإن أصلحتموها وصلحت، وعلم الله منكم الصدق في معاملته، وإخلاص النية له، أعانكم عليهم، وأذلّهم، فإنهم عبيده ونواصيهم بيده، وهو الفعّال لما يريد» (الدرر) اهـ.

وللرد على هذه الشبهة أقول: 
لم يقل أحد من العلماء أن قتال الكفار لا يشترط له التكافؤ في العدد والعدة، إلا في جهاد الدفع في الحال الذي يدهم فيه العدو بلدهم ولا يملكون إلا دفعه حتى لا يتمكن منها، فإن لم يقدروا جاز لهم الصلح معه.
والدليل على اشتراط التكافؤ في العدد والعدة قول الله تبارك وتعالى: {الآَنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}. (الأنفال:  ٦٦).

ومن أحكام هذه الآية جواز التولي من الزحف إذا كان عدد الكفار أكثر من ضعف عدد المسلمين.

ولما ينزل المسيح ابن مريم -صلى الله عليه وسلم- ويقتل الدجال، «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ». ((صحيح مسلم)، حديث رقم: (٢٩٣٧)).

ومعلوم أن عيسى -عليه الصلاة والسلام- سيحكم بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومعلوم أن يأجوج ومأجوج خروجهم على أهل الشام والمسلمين هو مداهمة عدو كافر للمسلمين، والله لم يأمر بمواجهتهم، مع أنه جهاد دفع؛ لأنه لا يدان لأحد بقتالهم، أي لا قدرة و لا طاقة، وهل يشك في إيمان عيسى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المؤمنين؟

والقاعدة الشرعية: (القدرة مناط التكليف) تؤكد هذا المعنى، والله الموفق.


ملحوظة: هذا العبارة المنقولة عن الدرر السنية وهي: «جهاد الكفّار لا يشترط فيه تكافؤ العدد والعدّة». لا توجد في الدرر، ولم يقل العلماء ذلك، والله الموفق.